ختام زيارة الرئيس جمال عبدالناصر لجمهورية تنزانيا الاتحادية عام ١٩٦٦

ختام زيارة الرئيس جمال عبدالناصر لجمهورية تنزانيا الاتحادية عام ١٩٦٦

وفي صباح التاسع والعشرين من سبتمبر العام ١٩٦٦م، اصطحب الرئيس نيريري الرئيس عبدالناصر إلى الجمعية الوطنية والبرلمان. واستقبل أعضاء الجمعية الرئيسين عند وصولهما إلى القاعة بالتصفيق الحار، وألقى الرئيس ناصر خطابا عن القضايا الدولية والأفريقية، وعن كفاح القارة في سبيل الحرية قال فيه: سيادة الرئيس:

أرجو أن أعبر لك عن شكري وامتناني لهذه الفرصة التي أتاحها لي مجلسكم الموقر في ختام رحلة سعدت فيها بزيارة شعب تنزانيا في بلده؛ حيث تحقق لي أن ألقى جموع جماهيره، وأرى بنفسي مواقع عملها التي تحاول منها أن تبنى حياة وطنية إفريقية جديدة حرة وسعيدة.

أيها الإخوة:

إنه شرف أعتز به أن أقف اليوم أمام الطلائع القائدة في شعب تنزانيا العظيم الممثلة لأمله وإرادته في الحرية السياسية والحرية الاجتماعية، الممثلة في نفس الوقت لأمله وإرادته في الوحدة الوطنية والإفريقية، وحرية كل وطن إفريقي سياسياً واجتماعياً، ووحدته وطنياً وفكرياً هي مراكز التأهب السليمة والقواعد الحامية للتقدم إلى الحرية الأكبر والوحدة الأكبر لإفريقيا العظيمة المناضلة، ولقد كنا دائماً في الجمهورية العربية المتحدة ننظر بكل إعجاب إلى جهودكم من أجل الحرية بجوانبها المتعددة والوحدة بأسسها الضرورية.

وأؤكد لكم أن هذه الزيارة ضاعفت من إعجابنا بما تقومون به وزادت من إيماننا بقدرتكم على تحقيق أهدافكم تحت قيادة المناضل الصلب والقائد الشجاع "جوليوس نيريرى"، ذلك الابن المخلص لتنزانيا وإفريقيا والإنسانية، وبالتالي فإن هذه الزيارة عززت ثقتنا بالدور الذى تقومون به في خدمة أهداف النضال الإفريقي الذى اتخذ من عاصمتكم - دار السلام - قاعدة لحركات التحرر الإفريقية، بما يعنيه ذلك كله بالنسبة لكم من مسئوليات وتضحيات.

إن الشعوب الواعية تعرف عن يقين بأن المسئوليات والتضحيات التي تتحملها هي الطريق الذى لا طريق سواه إلى الغد الذى تتطلع إليه، إن الشعوب الإفريقية لا تستطيع أن تعوض التخلف الطويل الذى أرغمت عليه بالحكم والقهر الاستعماري بغير القبول بالمسئوليات والاستعداد للتضحيات، وفضلاً عن ذلك فإن هناك قواعد لابد لها أن تحكم نظرتنا إلى مهمة مقاومة الاستعمار والقضاء عليه:

أولاً: إن الاستعمار يتنافى مع كل القيم الإنسانية، وهو إهانة لضميرنا ووجودنا.

ثانياً: إن التفرقة العنصرية ليست مسبة لقارتنا ولحضارة الإنسان في القرن العشرين فحسب، بل هي إلى جانب ذلك شكل من أشكال الاستعمار، إذا لم نقل أنها أبشع أشكاله إطلاقاً.

ثالثاً: إنه لا يمكن لأمل الوحدة الإفريقية أن يتحقق بشكل عملي وواقعي قبل تصفية الاستعمار.

رابعاً: إن وجود القوى الاستعمارية على أرض قارتنا تهديد مباشر وصريح لكياننا ولآمالنا، ومعنى ذلك أننا عندما نؤيد ونساند الكفاح الوطني في موزمبيق وأنجولا وروديسيا، وندين التفرقة العنصرية ونحاربها؛ فإننا نفعل ذلك من أجل المبادئ والمثل العليا التي تؤمن بها شعوبنا، وفى نفس الوقت نفعله من أجل أمننا وحياتنا ذاتها.

إن الشعوب الحرة لا تترد أمام الطريق الصعب والطويل طالما آمنت أنه الطريق إلى مثلها العليا وإلى آمالها.

إن طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية شاق والمسئوليات والتضحيات على جانبيه بل وفى وسطه تعترض الطريق بالحواجز والعقبات، ولقد تخلفنا طويلاً وتعويض التخلف يحتاج منا إلى موارد مالية وبشرية وتكنولوجية، وذلك ليس متاحاً بسهولة والظروف العالمية، خصوصاً بعد التطورات التي نشأت وتداعت من مخاطر ميزان الرعب النووي، تحيط عملنا حتى داخل أوطاننا بجو مشحون بالمؤثرات والضغوط الظاهرة والخفية، السياسية والاقتصادية، النفسية والعسكرية في بعض الظروف. وإسهامنا في قضايا عالمنا - وذلك حق وواجب علينا - يعرضنا للذين يضيقون بنداء السلام القائم على العدل حتى حين يصدر من موقف عدم الانحياز، ويحاول مخلصاً تفادى تعريض الإنسانية إلى اختيار رهيب إذا ما تركت سياسات القوة - على نحو ما نرى في فيتنام - تنطلق بغير حساب. على أن ذلك مهما كان من شأنه يعلمنا الكثير، ويغنى تجاربنا بإدراك الصلة الوثيقة والعضوية بين النضال من أجل الحرية السياسية والاجتماعية داخل أي وطن، وبين النضال من أجل الحرية السياسية والاجتماعية في خارج أي وطن.

إن معركة الحرية واحدة، وانتصار الحرية في أي مكان تعزيز لها في كل مكان، كما أن سقوط قبضة الاستغلال عن رقبة أي شعب نفس جديد عميق يتاح لكل شعب مما زال يناضل ضد هذا الاستغلال، والعدو الذى نتصدى له يدرك هذه الحقيقة، ومن هنا هذا الحلف بين قوى الاستعمار التقليدي والجديد، وبين النظم العنصرية، وبين كل الكارهين لحرية ووحدة إفريقيا، هذا هو الحلف الذى يجمع بقايا الإمبراطوريات المنهارة ومؤامرات الاستعمار الجديد الزاحفة، ونظام "إيان سميث" البغيض، والديكتاتورية اللاإنسانية في جنوب إفريقيا إلى جانب الاستغلال البرتغالي الشرس.

إن هذا الحلف يقسم الأدوار على أطرافه؛ فبينما بريطانيا تقوم بخديعتها للرأي العام العالمي وتمكن لنظام "إيان سميث" من أن يعلن استقلالاً مزيفاً من جانب واحد يتجاهل الأغلبية الإفريقية في روديسيا، لذا الاستعمار الجديد يحاول أن يتسلل بالمؤامرات والإرهاب إلى مواقع جديدة، لذا حكومة جنوب إفريقيا تحاول تأكيد استعمارها في جنوب غرب إفريقيا، وإذا البرتغال تزداد عنفاً ضد حركات التحرر الوطني في مستعمراتها، بل وإذا التشكيك في منظمة الوحدة الإفريقية يجرى بكل الوسائل.

وفى مواجهة هذا الحلف وأطرافه فإن عبرة النضال تعلمنا أن نوحد جهودنا، وأن نحارب على الجبهة العريضة، وأن نصمد للتحديات، وأن نحاول تحريك كل القوى المحبة للحرية، والمؤمنة بأنه لا يكون هناك سلام بوجود الاستعمار والاستغلال. إن إفريقيا أقوى مما يظن أعداء الحرية الإفريقية وأعداء الوحدة الإفريقية، أقوى من الذين أشار إليهم الرئيس "جوليوس نيريرى" في خطابه أمس ممن أبدوا الاهتمام المشبوه بهذا التقارب بين تنزانيا والجمهورية العربية المتحدة، وتخوفوا منه باعتباره دليلاً على إرادة عمل موحد لا تضم البلدين فحسب وإنما تضم أيضاً قوى ثورية ضخمة تقف قوية على أرض القارة ثابتة ومتحفزة تتلقى الضربات وترد الضربات، وتثق بغير شك في أن المستقبل لها، للحرية وللوحدة.

وإذا تصور البعض أن الأصوات المترددة التي تصدر أحياناً وهي مظهر من مظاهر نكسة إفريقية، فإن هذا البعض على خطأ، إن مثل هذه الأصوات ظاهرة طبيعية في مراحل التحول الكبرى في حياة الأمم، ومهما قيل في ضررها، فإنها عامل مساعد يؤدى إلى بلورة قضايا النضال وزيادة قدرتها على الاستقطاب والفصل بين القادرين على الثورة والمتحملين لتكاليفها وبين الذين لا يستطيعون غير المساومات. ولن تستطيع إفريقيا أن تحقق مبادئها وآمالها إلا بالعمل المشترك الثوري الذى يدفع قضاياها إلى الأمام، ولا يعود بها إلى الوراء أو يجمدها نتيجة لمحاولات التراضي والتمسك بالشكليات، على أن ذلك لا ينبغي له أن يؤثر على منظمة الوحدة الإفريقية، فإن هذه المنظمة أمل عزيز تمكنت إفريقيا من أن تقيمه بعد العناء والانتظار الطويل، ولا ينبغي أن نطلب من منظمة الوحدة الإفريقية أكثر مما تطيق في ظروفها وأوضاعها.

إن هذه المنظمة تعكس ظروف وأوضاع استمرار النضال، وذلك واقع لابد أن نتقبله ونقدره وإذا تصورنا أن هذه المنظمة تعكس نصراً إفريقياً نهائياً؛ فإننا بذلك لا نظلم الواقع الإفريقي فحسب وإنما نظلم النضال الإفريقي نفسه، على أنه من المهم أن يتحرك القادرون على الحركة، القابلون لمسئولية النضال.

إن موقف تنزانيا من دعم حركات التحرير الوطني الإفريقي وفتحها دار السلام لتكون عاصمة للعمل التحرري الإفريقي كله، حتى من قبل تكليف منظمة الوحدة الإفريقية لها بذلك رسمياً هو نموذج عظيم للقدرة على الحركة، وهذا النموذج بكل ما يحيط به من المخاطر أصدق تعبير عن إفريقيا من كل المحاورات الدبلوماسية التي تجرى تحت أضواء الدعاية الباهرة أو داخل الغرف المقفلة.

أيها الإخوة:

لا أظننى أضيف جديداً إذا قلت أمامكم أن الشعب المصري يلتقى معكم في فلسفة النضال الشامل ارتباط الحرية السياسية بالحرية الاجتماعية، وارتباط المعركة داخل الحدود الوطنية بما يجرى من حول هذه الحدود، لكنى أقول بغير ادعاء أن نضال الشعب المصري جرى في ظروف شديدة الصعوبة بالغة الخطر، إن شعبنا ينتمى إلى أمة عربية تعيش في منطقة لها أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية؛ فهي على مفترق الطرق البحرية والجوية للعالم، كما أن أرضها موطن أكبر ثروة بترولية معروفة ومحققة.

ولقد لجأ الاستعمار إلى أساليب متنوعة في فرض سيطرته وإحكام قبضته، قسم الأمة العربية التي عاشت آلاف السنين على الأرض الواحدة مع التاريخ الواحد، تتكلم اللغة الواحدة مما حقق لها وحدة المصلحة ووحدة العقل ووحدة الضمير، اتخذ لنفسه القواعد على أرضها بالاحتلال العسكري المباشر.

وقبل الثورة المصرية على سبيل المثال، فلقد كان في قاعدة قناة السويس وحدها ثمانون ألف جندي بريطاني، سعى إلى إقامة طبقة محلية تشاركه الاستغلال وتمكن له ليساعدها بدوره، ولعلكم تعرفون أن ٥٠% من الدخل القومي في مصر كان حكراً على نصف في المائة من سكان مصر أكثرهم من الأجانب، بعد ذلك فإن الاستعمار دبر ضد الشعب العربي في فلسطين مؤامرة لا تقل بشاعة عما تشاهدونه بالقرب منكم في روديسيا، أقلية غريبة تستولى بدعوة عنصرية وبمساعدة الاستعمار على الأرض الفلسطينية، وتطرد السكان الأصليين خارج ديارهم، وتقيم بالإرهاب نظاماً لا يمكن أن يعيش وسط الأغلبية العربية الساحقة إلا بمساندة الاستعمار والاعتماد كلية على حمايته.

إن الشعب المصري بدأ فأسقط حكم الطبقة المستغلة، وضرب مواقع الإقطاع ورأس المال الفاسد، ونقل ملكية الثروة الوطنية إلى سيطرة قوى الشعب العاملة، لقد وزعت الأرض على الفلاحين وجرى تأميم البنوك والتجارة الخارجية والصناعات الكبرى، وتحقق اشتراك العمال في إدارة وحدات الإنتاج وأرباحها، وجرى تأسيس وتوسيع التعاون الإنتاجي والاستهلاكي، وفى نفس الوقت تقررت مجانية التعليم، وتحققت ضمانات للإنسان المصري بينها تحديد ساعات العمل بسبع ساعات في اليوم، وفرض حد أدنى للأجور، وتطبيق التأمين الصحي الشامل بما فيه العلاج والتأمين ضد العجز وضد الشيخوخة وضد البطالة، ولقد مهدت الحرية الاجتماعية للحرية السياسية أن تقوم على أسلم الأسس الديمقراطية.

وهكذا فإن قوى الشعب العاملة المتحالفة في الاتحاد الاشتراكي ما لبثت أن أكدت ديمقراطيتها على أنقاض ديكتاتورية الطبقة المستغلة ونظامها السياسى الذى تهاوى أمام الثورة، ولقد كان من الضرورى تدعيم ذلك كله بتنمية طاقة الإنتاج، ولهذا فإن مشروعات تطوير الزراعة والصناعة سارت جنباً إلى جنب مع اتساع سيطرة الشعب على أدوات الإنتاج، ومع اتساع الخدمات الاجتماعية. ولقد وضع الشعب المصري حتى الآن على سبيل المثال أكثر من ألف مليون جنيه في الصناعة وفى الخطة الجديدة فإنه بدأ يضيف لها ١٥٠٠ مليون جنيه جديدة، تهتم بشكل خاص ببناء قاعدة الصناعة الثقيلة في مصر، وفى مجال تطوير الزراعة فإن صديقى الرئيس "نيريرى" تحدث طويلاً عن مشروع السد العالي في أول يوم وصلت فيه بلادكم.

أيها الإخوة:

وليس أدل على ارتباط الحرية السياسية بالحرية الاجتماعية والمعركة داخل الحدود الوطنية بما هو جارى وراء هذه الحدود من قصة بناء السد العالي. إن القوى الاستعمارية كانت تحاول تطويق خططنا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي كان مشروع السد العالي بنداً هاماً من بنودها، وفى الوقت الذى كانت قناة السويس وهى مرفق مصرى خالص تدر دخلاً سنوياً لشركة احتكارية دولية مقداره أربعون مليون جنيه كل سنة، فإن القوى الاستعمارية رفضت إقراضنا بشروط مالية ما نستطيع أن نحقق به بناء السد العالي. وحين تقدم الشعب المصري لكى يحصل على حقه المنهوب في قناة السويس وأمم شركة القناة، واحتفظ في يده بدخلها يضعه في خطط التنمية، انقضت القوى الاستعمارية عليه - في مثل هذه الأيام قبل عشر سنوات - تشنها عليه حرباً مسلحة من البر والبحر والجو.

ولقد صمد الشعب المصري وقاتل ووقفت معه شعوب أمته العربية، وأيدته الشعوب الإفريقية والآسيوية، حتى تلك التي كانت ما تزال وقتها تحت الحكم الاستعماري السافر، كذلك تحرك الضمير العالمي وتحركت بجانبه قوى ضخمة محبة للسلام، وكانت النتيجة أن هزم العدوان الثلاثي - الذى اشتركت فيه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل - هزيمة ساحقة، وانتصر الشعب المصري، انتصرت الحرية، لكن انتصار الحرية في السويس لم يكن للشعب المصري وحده، إن انتصار السويس كانت له - خصوصاً في هذه القارة العظيمة - أصداء بعيدة وردود فعل هائلة.

أيها الاخوة:

إن شعبكم العظيم عبأ تجربته في الشعار الملهم لثورتكم "أوهورو، وأوجماعة" و"أوهورو" هي كلمة الحرية في اللغة العربية و"أوجماعة" هي كلمة الجماعة. أي كلمة الوحدة ومن حسن الحظ أن الكلمتين من نفس المنبع، إن شعارات النضال نفسها تربط ما بيننا وكذلك أهداف النضال.

شكراً لك يا سيادة الرئيس، وشكراً لكم - أيها الأصدقاء - أعضاء الجمعية الوطنية.

والسلام عليكم ورحمة الله.

وبعد الظهر، استؤنفت المباحثات بين الرئيسين ناصر ونيريري والوفدين، وأقرت المباحثات حق فلسطين في أرضه المسلوبة، وضرورة إقرار السلام في فيتنام، ومساندة الشعوب المكافحة في سبيل حريتها. واستنكر الوفدان السياسة العنصرية في إندونيسيا وجنوب أفريقيا كما أكد تمسكهما بميثاق الأمم المتحدة. كما قام الجانبان بتبادل الهدايا التذكارية.

وفي المساء، أقام الرئيس جمال عبدالناصر مأدبة عشاء تكريما للرئيس جوليوس نيريري والسيدة عقيلته، بمناسبة انتهاء زيارته الرسمية إلى جمهورية تنزانيا، وقد دعي إلى الحفل السادة نواب الرئيس والوفد المرافق، وأعضاء الجالية العربية وكبار الشخصيات.

وصحب الرئيس جوليوس نيريري الرئيس جمال عبدالناصر إلى مطار دار السلام لوداعه عند سفره القاهرة بعد انتهاء الزيارة الرسمية إلى جمهورية تنزانيا الاتحادية، والتي أكدت ما بين الشعوب الافريقية من أواصر التعاون والكفاح المشترك والتساند في طيق البناء ومواجهة مؤامرات الاستعمار والعمل من أجل تحرير أفريقيا وإعادة ثرواتها إلى أهلهل ليقوموا بدورهم في بناء الحضارة الإنسانية، وتثبيت معالم السلام القائمة على العدل.

للمزيد من الصور اضغط هنا