مدينة السويس.. أرض المعارك والصمود

مدينة السويس.. أرض المعارك والصمود



اتخذ منها فرعون مصر قاعدة لعملياته الحربية لتأمين مناجم سيناء ولردع الغزاة وأطلق عليها اسم (سيكوت) عام ٢٥٦٣ قبل الميلاد، وفى عهد الأسرتين ١٩ و٢٢ كانت تسمى (يو ــ سويتس) ثم أطلق عليها اسم (يوسويتس)، وإبان حكم اليونان أطلق عليها اسم (هيروبوليس) أي: مدينة الأبطال، وعندما حكمت كليوباترا أطلقت عليها اسم (كليو باتريس)، وفى القرن ١٩ الميلادى أطلق عليها خماروية بن أحمد بن طولون اسم (السويس). وقال عنها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: (ما من بلد ارتبط اسمه بالتاريخ كما ارتبط السويس به).

تعتبر السويس مدخلا إلى أفريقيا ودول جنوب غرب وشرق آسيا مما جعلها ملتقى للتجارة العالمية وطريقا ملاحيا بين الشرق والغرب وقلعة للصناعة والاستثمار الصناعي، حيث كانت واحدة من أهم الموانئ في منطقة الشرق الأوسط لقرون طويلة، وعُرفت في البداية باسم «القلزم»، وطبعت هذا الاسم على البحر الأحمر كله، فكان يُعرَف تاريخيًا ببحر القلزم، وحتى عندما تحول اسمها إلى «السويس» خلعت اسمها على هذا الخليج الكبير الذى يشكل الذراع الثانية للبحر الأحمر: خليج السويس.

كان القلزم، أو السويس بعد ذلك، هو الميناء الرئيسي لمصر على البحر الأحمر، وكان ممر ومحطة الحجاج والمعتمرين القادمين من دول أفريقيا إلى الجزيرة العربية، كما أن المحمل، الذي كان يتم تجهيزه كل عام في مصر من أجل كسوة الكعبة، كان يمر من ميناء الخور، وظل لعشرات السنوات أهم ميناء للصيد على البحر الأحمر.

شهد ميناء السويس انطلاق حروب محمد على باشا في الجزيرة العربية، وقبل حفر قناة السويس كانت مصر بالفعل واحدًا من أهم الممرات الكبرى للتجارة العالمية التي تُعرَف بتجارة الترانزيت، إذ كانت مصر بموقعها الجغرافي ملتقى الشرق والغرب معًا، تأتى إليها التجارة الشرقية من آسيا ليعاد تصديرها إلى أوروبا، كما تأتى إليها البضائع الأوروبية والأسلحة ليعاد تصديرها إلى آسيا، وكان الخط الرئيسي لهذه التجارة هو محور الإسكندرية- القاهرة- السويس، وبالعكس.

وعندما عرضت فرنسا على مصر مشروع حفر قناة السويس في منتصف القرن التاسع عشر، اعترضت بريطانيا في البداية على هذا المشروع الذي رأت فيه بوابة لعودة النفوذ الفرنسي إلى مصر من جديد، بعد أن نجحت بريطانيا من قبل في إخراج الحملة الفرنسية من مصر، لذلك اقترحت بريطانيا مشروعًا بديلًا لضرب مشروع قناة السويس، وهو تطوير الطريق البري التقليدي للتجارة: الإسكندرية- القاهرة- السويس، عن طريق إنشاء خط سكة حديد، وربما هذا هو السبب الرئيسي في أن مصر كانت من أوائل الدول التي عرفت خطوط السكك الحديدية.

وكان في مقدمة الأسباب، التي عاقت نموّ مدينة السويس آنذاك، ندرة المياه العذبة. إذ كان الماء ينقَل إليها على ظهور الجمال، من عيون موسى، التي تقع على مسافة ١٦ كم، إلى الجنوب الشرقي من السويس. وكانت مكاتب شركات الملاحة البحرية والفنادق الأجنبية، في السويس، تعتمد في خدمة موظفيها ونزلائها، على المكثفات لتحويل ماء البحر إلى ماء عذب. ولمّا أُنشئ الخط الحديدي بين القاهرة والسويس، تولّت الحكومة المصرية نقْل الماء من القاهرة إلى السويس، في صهاريج. وكانت الحكومة تبيع الماء للأهالي.

لذلك، يُعد حفْر ترعة السويس الحلوة، أحد العوامل المهمة، التي أدت إلى تطوّر المدينة، ونموّ العمران فيها. والواقع أن مشروع حفْر هذه الترعة، ارتبط ارتباطاً وثيقاً بمشروع القناة نفسها، بل إن شركة قناة السويس، رأت أن يكون حفْر هذه الترعة سابقاً لحفْر القناة، حتى لا تتعثر عمليات الحفْر، كما حدَث في السنوات الأربع الأولى لتنفيذ مشروع حفْر القناة، في النصف الشمالي من برزخ السويس، بين بورسعيد وبحيرة التمساح.

وقد عرفت هذه الترعة العذبة باسم "ترعة الإسماعيلية"، ويصور رائد النهضة المصرية العمرانية الحديثة، والمؤرِّخ والتربوي المصري صاحب النهضة التعليمية الكبرى الملقَّب ﺑ «أبو التعليم» علي مبارك أهمية ترعة الإسماعيلية، وأثرها في تطور مدينة السويس، في "الخطط التوفيقية"، بقوله: "ومن أكبر أسباب عمارة مدينة السويس، وصول مياه النيل إليها، من الترعة الإسماعيلية، التي أنشئت في عهد الخديوي إسماعيل. وجعل فمها من "بولاق مصر" بالقاهرة ومصبها في البحر الأحمر، عند مدينة السويس. فجرى هناك مياه النيل، صيفاً وشتاءً. فتبدل، بذلك، جدب تلك المنطقة خصباً، وأحيا كثيراً من أراضيها. فوجدنا، هناك، حدائق ذات بهجة، فقد زُرِع على جانب الترعة القمح والشعير والبرسيم، وأنواع كثيرة من الخضر".

وعندما نجحت فرنسا في حفر القناة، في الخامس والعشرين من أبريل عام ١٨٥٩م، لتصبح شريانا يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط وافتتحت للملاحة في السابع عشر من نوفمبر العام ١٨٦٩م، وأصبح لمدينة السويس أهمية عالمية كمدينة تجارية وسياحية وصناعية من الدرجة الأولى، لم تجد فرنسا من اسم عالمي تُطلقه عليها إلا السويس؛ إذ عُرفت بـ«ترعة السويس» أو قناة السويس، نظرًا لشهرة السويس عالميًا، فكل المدن على القناة هي مدن حديثة وليدة القرن التاسع عشر، فيما عدا السويس التي لها تاريخ طويل في التجارة الدولية.

ومع إنشاء قناة السويس تم الاهتمام بالمدن الجديدة: بورسعيد والإسماعيلية وبورفؤاد، وبدأت السويس للأسف تفقد أهميتها رويدًا رويدًا، خاصة مع تركز سُكنَى الأجانب من موظفي القناة في هذه المدن الجديدة.

لكن السويس لم تفقد شهرتها العالمية، فعندما وقع العدوان الثلاثي- أو حرب ١٩٥٦- نجد الغرب يطلق عليها «حرب السويس»، رغم أن الحرب كانت بعيدة عن مدينة السويس، إذ دارت رحاها على وجه الخصوص في بورسعيد، لكن هذا هو سحر التاريخ وقوته.

كافحت السويس الغزو البريطاني وسطر أبناؤها بدمائهم الزكية أروع ملاحم البطولة حيث تشكلت كتائب الفدائيين من أبناء المدينة التي كانت تهاجم المعسكرات البريطانية الموجودة عند أطراف المدينة وخاضوا معارك ضارية ضد العدو الجاثم على أرضها، وحين أعلن الرئيس جمال عبد الناصر قراره التاريخي بتأميم قناة السويس عام ١٩٥٦م، واجهت السويس العدوان الثلاثي الذي قامت به انجلترا وفرنسا وإسرائيل واستطاع أبطال المقاومة الشعبية في بورسعيد والإسماعيلية والسويس الصمود.

 وعقب هزيمة ٥ يونيو ١٩٦٧ سرعان ما تشكلت كتائب للمقاومة وفي يومي الرابع والخامس عشر من يوليو عام ١٩٦٧م؛ وحاول العدو انزال بعض القوارب في القناة بهدف احتلال النصف الطولي للقناة الموازي للبر الشرقي للقناة ورفع العلم الاسرائيلي على الشمندورة الموضوعة في القناة التي تحدد المجرى الملاحي، وما أن اقتربت القوارب من الشمندورة حتى تصدى لها أبطال المقاومة الشعبية بقيادة البطل الفدائي محمد عبد ربه أحد العاملين بهيئة قناة السويس وتمكن الأبطال من أسر ضباط وجندي إسرائيلي وكانا أول أسيرين يتم تسليمها إلى القوات المسلحة، وعقب هذه العملية وفشل العدوان في تحقيق أهدافة راح يقصف المنازل والمساجد والكنائس بقذائف المدفعية الثقيلة من شرق القناة بهدف إضعاف الروح المعنوية والقضاء علي المقاومة الشعبية. ولم تسلم مصانع البترول من طائرات العدو التي كانت تمطرها بالصواريخ لذلك صدر قرارا بضرورة تحفيف الكثافة السكانية للمدينة لإفساح المجال للقوات المسلحة للمواجهة مع العدو ولهذا قررت لجنة الأمن القومي في الثامن من أغسطس عام ١٩٦٧م، بحضور محافظي مدن القناة الثلاثة بتهجير السكان والاحتفاظ بالحد الأدنى لموظفي وعمال الحكومة والقطاع العام وتم تفريغ المدينة من السكان حيث وفرت لهم الدولة المساكن المناسبة في معظم مدن الجمهورية.

وخلال معارك حرب أكتوبر العام ١٩٧٣، حاولت إسرائيل إعادة هيبتها أمام العالم ورد القوات المصرية التي عبرت القناة ففي منتصف ليلة ٢٣ أكتوبر ١٩٧٣م؛ وصل لواءان مدرعان إسرائيليان إلى مشارف مدينة السويس في الوقت الذي كانت فيه فرقة الجنرال ماجن تحاول عزل السويس عن العاصمة، ورغم أن القوات الإسرائيلية فقدت نحو ٢٠٠ دبابة أثناء تقدمها إلا أنها أصبحت مع نهاية ليلة ٢٣ أكتوبر على مشارف السويس التي كانت على موعد مع التاريخ لتسجل واحدة من أعظم معارك الدفاع عن الأرض والكرامة ولتجعل من عتباتها مقبرة للغزاة.

ومع الساعات الأولى من يوم الثالث والعشرين من أكتوبر أدرك شعب السويس أن القوات الإسرائيلية على وشك مهاجمة المدينة ولذلك فقد أستعد كل من في المدينة للزود عن الأرض ولأن السويس لم يكن بها في ذلك الوقت أي وحدات عسكرية نظامية فقد أعتمد الأهالي على السلاح الخفيف وأصبح الدفاع عن المدينة على عاتق رجال الشرطة وأبطال منظمة سيناء العربية التي كانت تضم بين جنباتها مجموعة من أروع الفدائيين وفي اليوم نفسه أصدر مجلس الأمن قرارا ثانيا بوقف إطلاق النار على أن يبدأ سريانه اعتبارا من السابعة من صباح ٢٤ أكتوبر ١٩٧٣م.

مع أول ضوء من يوم الرابع والعشرين من أكتوبر بدأ العدو في دك المدينة بالطيران ثم اشتركت المدفعية في القصف في الوقت الذي بدأ الفدائيين في تنظيم أنفسهم ولاحظوا أن القصف يتحاشى مداخل المدينة فأدركوا أن العدو سيستخدم هذه المداخل في اقتحام المدينة، وعلى الفور تم تعديل أماكن الكمائن ،وكما توقعوا بدأت الدبابات الإسرائيلية التقدم على ثلاث محاور:

  • محور المثلث: وهو المدخل الغربي للمدينة ناحية الطريق الرئيسي القادم من القاهرة إلى السويس وامتداده هو شارع الجيش وميدان الأربعين.
  •  محور الجانين: عبر الطريق القادم من الإسماعيلية حيث المدخل الشمالي للسويس حتى منطقة الهويس ثم شارع صدقي ومنه إلى ميدان الأربعين.
  •  محور الزيتية: وهو المدخل الجنوبي لمدينة السويس من ناحية ميناء الأدبية وعتاقة بمحاذاة الشاطئ ويمتد حتى مبنى محافظة السويس والطريق المؤدي إلى بور توفيق.

قام الفدائيون الأبطال بنصب الكمائن على المحاور الثلاثة فهناك كمين رئيسي وعدة أكمنة فرعية عند كوبري الهويس على امتداد محور المثلث وكمين رئيسي عند مزلقان البراجيل بشارع الجيش وبه أفراد من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين بقيادة أحمد أبو هاشم وفايز حافظ أمين من منظمة سيناء العربية، وفي ميدان الأربعين كمين آخر يضم محمود عواد قائد الفدائيين ومعه محمود طه وعلي سياق من المدنيين إضافة إلى عدد من الجنود ورجال الشرطة، وكمين آخر عند مزلقان السكة الحديد بجوار مقابر الشهداء ويضم محمود سرحان وأحمد عطيفي وإبراهيم يوسف إضافة إلى عدد من الجنود ورجال الشرطة، وكمين آخر حول ميدان الأربعين به عبد المنعم خالد وغريب محمود غريب من منظمة سيناء ومعهم آخرون، وعند مبنى المحافظة كمين آخر يقوده نقيب شرطة حسن أسامة العصر ومعه بعض الجنود.

وأصبحت السويس محاصرة تماما بفرقتين مدرعتين وقبيل بزوغ الصباح وسريان وقف إطلاق النار بدأت القوات المعادية التقدم ودخلت المدينة دون مقاومة وكانت خطة الفدائيين هي إدخال القوات الإسرائيلية الشرك ثم محاصرتها وهي نفس الخطة التي أستخدمها أهالي مدينة رشيد المصرية ضد حملة فريزر الإنجليزية عام ١٨٠٧م، وبدأت الدبابات الإسرائيلية في السير بما يشبه النزهة داخل المدينة التي بدت خالية على عروشها حتى أن بعض الجنود الإسرائيليين نزلوا لالتقاط بعض التذكارات من الشوارع.

فجأة فتحت السويس أبواب الجحيم في وجه العدوان الإسرائيلي ودارت معركة طاحنة بين الفدائيين وقوات العدو وكانت أشرس المواجهات في ميدان الأربعين حيث واجه محمود عواد ومجموعته رتل من الدبابات وقام عواد بإطلاق ثلاث قذائف RBJ لم تكن مؤثرة وأنتقل الكمين الذى كان يتمركز عند سينما رويال لمساندة محمود عواد ومجموعته وفي الوقت الذى كانت تتقدم فيه دبابة من طراز سنتوريون العملاقة أعد البطل إبراهيم سليمان سلاحه وأطلق مباشرة ليخترق برج الدبابة وتطيح برأس قائدها الذى سقطت جثته داخل الدبابة ليطلق طاقمها صرخات مرعبة ويفروا مذعورين ومن خلفهم طواقم جميع الدبابات خلفها.

فتح الفدائيون النيران على جنود العدو من كل شبر في ميدان الأربعين فأصيبوا بالذعر والهلع وتركوا الدبابات للبحث عن أي ساتر ولم يجدوا أمامهم سوى قسم شرطة الأربعين أما دبابات الموجة الثانية فقد أصابها الرعب هي الأخرى واستدارت هاربة وتصادمت مع بعضها البعض وأندفع أبطال السويس يصطادون الدبابات المذعورة وفي ذلك اليوم سقط أول شهداء السويس وهو البطل أحمد أبو هاشم شقيق الشهيد مصطفى أبو هاشم الذي اُستشهد في الثامن من فبراير ١٩٧٠م.

بعد تدمير معظم المدرعات الإسرائيلية التي دخلت المدينة تركزت المعركة في مبنى قسم شرطة الأربعين بعد أن فر إليه جنود العدو وتحركت كل الكمائن لمحاصرة القسم وإطلاق النيران عليه من كل جانب وحاول الجنود الاستسلام لكن المحاولة فشلت ولم يعد أمام أبطال السويس إلا اقتحام القسم وجاءت المبادرة من البطل إبراهيم سليمان بطل الجمباز ومعه أشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين وإبراهيم يوسف وتم وضع الخطة بحيث يستغل إبراهيم سليمان قدراته ولياقته البدنية في القفز فوق سور القسم لكن رصاصة غادرة من العدو أسقطته شهيدا فوق سور القسم وبقى جسده معلقا يوما كاملا حتى تمكن الفدائيون من استعادته تحت القصف الشديد.

جاءت المحاولة الثانية من البطل أشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين اللذان قررا اقتحام القسم من الأمام وبعد أن تحركا تحت ساتر من النيران فتح قناة العدو النيران عليهما ليسقط أشرف شهيدا على سلم القسم ويسقط زميله فايز شهيدا بجوار الخندق داخل القسم.

وعند حلول ليلة ٢٤ أكتوبر ١٩٧٣م، كانت قوات العدو قد انسحبت بالكامل خارج السويس بعد أن تركت قتلاها ومدرعاتها سليمة عدا المحاصرين في القسم وقام البطلان محمود عواد ومحمود طه بإحراق المدرعات الإسرائيلية خشية أن يتسلل إليها العدو.

انتصرت السويس انتصارا باهرا وأصبحت مقبرة اليهود ومنذ هذا التاريخ تحتفل مدينة السويس في الرابع والعشرين من أكتوبر من كل عام بعيدها القومي وفقا لقرار الرئيس محمد أنور السادات الذي قال:( إن السويس في الرابع والعشرين من أكتوبر عام ١٩٧٣م، لم تكن تدافع عن نفسها ولكن كانت تدافع عن مصر كلها ).

وفي مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية في أكتوبر ١٩٧٣م، قال: لقد خسر العدو في محاولته احتلال السويس ١٠٠ قتيل وحوالي ٥٠٠ جريح رغم أنه استخدم فرقة مدرعة من ثلاثة ألوية مدرعة ولواء مظلات فقد صد هجومه سكان السويس ومجموعة من الجنود.. إن ملحمة السويس هي شهادة أخرى للمواطن المصري ومدى قدرته على التحمل والتحدي وقت الشدائد.

وقال اللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة خلال حرب أكتوبر ٧٣: لقد فشلت القوات الإسرائيلية في اتجاه مدينة السويس أمام المقاومة الشعبية بالتعاون مع القوة العسكرية المحدودة التي كانت بها.

نذكر للتاريخ أيضا أن يوم ٢٦ أكتوبر عام ١٩٧٣م، والموافق الأول من شوال أول أيام عيد الفطر وبينما كان المصريون في ربوع الوطن يحتفلون بأول أيام عيد الفطر المبارك كانت السويس تبدأ أول أيام الحصار الذي استمر ١٠١ يوم.

وكان الرئيس محمد أنور السادات يعلم أن السويس إذا سلمت ورفعت رايتها البيضاء للقوات الإسرائيلية فلن تتوقف في زحفها غربا إلا بعد دخول القاهرة واحتلالها وكان السادات واثقا في بسالة الفدائيين بالسويس.

صمدت السويس أمام الحصار الإسرائيلي وحينما تلقى الرئيس السادات إشارة اللواء بدوي الخولي محافظ السويس أيام الحصار وطلب الجنرال الإسرائيلي أدان بتسليم المدينة كان يعلم أن أهلها لن يسلموا، وقال الرئيس السادات: استمروا في القتال .. الله معكم. وعهد على نفسه أن يصلي عيد الفطر في السويس كل عام بعد الحرب ووفي بوعده في الرابع من يونيو عام ١٩٧٤م.

 ويُعد كل ما ذكرناه موجزا بسيط من تاريخ السويس المرابطة.

 

وتضم المدينة خمسة أحياء، هي: حي السويس: وهو حي حضري، تقع فيه معظم الهيئات والمصالح الحكومية، وحي "الأربعين": ويغلب عليه الطابع الشعبي، وحي عتاقـة: ويضم معظم المناطق السكنية والمصانع والشركات وتم فصل هذا الحي إلى اثنين (حي فيصل والصباح وحي عتاقه)، حي فيصل: ويحتوي على المناطق السكنية حتى طريق القاهرة وحي عتاقه، وحي الجانين: ويغلب عليه الطابع الريفي.

وتتميز بعدد من المعالم القديمة والحديثة التي ترجع لحقب تاريخية مختلفة على مر العصور، منها على سبيل المثال:

عيون موسى

تنسب عيون موسى إلى نبي الله موسى عليه السلام، وتقع على بعد ٣٠ كم من نفق الشهيد/ أحمد حمدي إلى الشرق في سيناء، وهي مجموعة من الينابيع الطبيعية مختلفة السعة طُمس عدد كبير منها، وهي مياه ارتوازية عذبة إلى جانب مجموعة من النخيل.

العين السخنة

عين طبيعية جيرية درجة حرارتها حوالي ٤٠ درجة تقع تحت سفح جبل عتاقة، ويصب ماؤها في مياه الخليج مباشرةً، وهي منطقة من أجمل المناطق الطبيعية حيث يحتضن خليج السويس جبل عتاقة في تعانق جميل يندر وجوده إلا في هذه المنطقة، وهي إحدى المعالم السياحية والبيئية إلى جانب وجود بعض الشعب المرجانية في المنطقة وهي متعة لهواة الغطس.

منطقة آثار جنيفة

من المناطق الأثرية الهامة حيث إنها قناة سيزوستريس الفرعونية (الأسرة ١٢) التي تخرج من البحيرات الصغرى إلى جنيفه، ويوجد بالمنطقة كثير من تكاسير الفخار، ومعظمها يرجع إلى العصر البطلمي والروماني كما وجد بها بعض الآثار المعمارية والأفران التي كانت تستخدم لصهر المعادن وصناعة الزجاج.

المتحف القومي


يضم ١٢٢٨ قطعة أثرية تروى بمجرد النظر إليها حكاية مدينة صاحبة تاريخ. يروى تاريخ السويس في العصر الفرعوني والروماني واليوناني وعصر البطالة حتى وصلت إلى العصر الإسلامي، وكيف كانت دائمًا السويس هي الباسلة طوال هذه العصور وبوابة مصر الشرقية التي ظلت قوية عبر العصور صامدة دائمًا.

نفق الشهيد أحمد حمدي

سمي النفق باسم اللواء مهندس/ أحمد حمدي أحد أبطال أكتوبر في سلاح المهندسين، والذي استشهد في نفس منطقة النفق، ويمتد النفق من طريق المعاهدة (السويس/ الإسماعيلية) إلى الطريق الموصل لرأس سدر وأبو رديس، وكذلك مدينة القنطرة شرق بطول ٥٩١٢م، كما يبلغ طول المدخل الغربي للنفق ٢٢٨٨م، وطول المدخل الشرقي للنفق ١٩٨٤م.

وفي سبتمبر من العام قبل الماضي، تم افتتاح نفق الشهيد احمد حمدي "٢" بطول ٤٢٥٠م والجزء النفقي ٣٢٥٠م وأعمق نقطة بالنفق ٧٠م من منسوب الأرض الطبيعية، كشريان تنموي جديد يحقق السيولة المرورية ويسهل حركة تنقل الأفراد والبضائع وينهي معاناة الانتظار ويعمل على تخفيف الضغط على النفق القديم كما يساهم في تقليل زمن العبور بالإضافة إلى ربط سيناء بالوادي والدلتا.

 

النقطة الحصينة

هي إحدى نقاط خط بارليف والتي أقامته إسرائيل بطول قناة السويس ظناً منها على عدم قدرة اختراق الجندي المصري له، وقد بنيت على قمة عالية، تطل على خليج السويس، وقد جهزها الجيش الإسرائيلي من قضبان السكة الحديد، وكانت مدفعيتها تدور على محور كهربائي وأبوابها من الصلب الخالص نغلق بطريقة أوتوماتيكية.

جامعة السويس

مؤسسة تعليمية علمية رائدة ضمن كوكبة الجامعات المصرية الحكومية والخاصة. تأسست بالانفصال عن جامعة قناة السويس طبقاً للقرار الجمهوري رقم ١٩٣ بتاريخ ٢٢ أغسطس ٢٠١٢.

 وتضم أكثر من ١٢ كلية بهدف توفير بيئة تعليميه لديها قدرة على التعليم، والتعلم ومواكبة التطورات التكنولوجية، وتحديات المجتمع للخريج والبحث العلمي، في سبيل للتنمية بالمجتمع المصري ومشاركة جامعات العالم في تلبية حاجات الانسان واشباعها. والمشاركة في بناء حضارة راقيه كلبنة من لبنات التطور الإنساني.

الجزيرة الخضراء

تقع الجزيرة الخضراء في منتصف خليج السويس بحيث تبعد عن كل من (مدخل القناة ٣ كلم، ميناء السويس، ميناء الأدبية، الشط ٢كلم، راس سدر، ميناء السخنة ٤و٥ كلم).

وهى كانت ضمن القواعد البريطانية في مصر قبل التحرير وهو موقع محصن ضد القنابل الذرية وكان يمثل قمة الازعاج بالنسبة لإسرائيل وموقع انذرا مبكر ضد الغارات ورغم أن مساحتها ١٩٠ م * ٩٠ متر فقط إلا أنها كانت تحتوى على مدفعية أرضية ومدافع مضادة للطيران ونقطة أرصاد وانذار مبكر، قامت اسرائيل بكل قوتها بحملة عليها لاحتلالها سنة ٦٩، ورغم التفوق الجوي إلا أن بسالة وتفانى جيشنا ردهم في معركة تدّرس في العلوم العسكرية على مستوى العالم باسم معركة الجزيرة الخضراء.

وأيضاً هي عبارة عن نتوء من الشعب المرجانية كان ينتشر بشكل كبير مما يهدد السفن، وهي تتحكم في المدخل الجنوبي لقناة السويس مما دفع العلماء لوضع كمية من الأسمنت فوقها حتى لا يضر السفن العابرة للقناة، وتحولت إلى جزيرة في مدخل القناة الجنوبي.

قصر محمد علي

​هذا القصر بناه محمد علي باشا ليكون مقراً له أثناء إعداد الجيش المصري للحملة على الدولة الوهابية بالجزيرة العربية امتثالاً لأمر الخليفة العثماني، وبداخل القاعة التي تقبع أسفل قبة هذا القصر اجتمع محمد علي وأبنائه طوسون وإبراهيم لإدارة الحرب على الوهابية ببلاد الحجاز حتى ١٨١٨م.

ويتكون من طابقين، تعلو الجزء الشرقي منه قبة خشبية. وعلى الشاطئ المقابل لهذا القصر وقف محمد علي باشا بنفسه لمتابعة إنشاء أول سفن الأسطول المصري.

معهد علوم البحار

وهو معهد تابع لأكاديمية البحث العلمي وبه مجموعة من المعامل لدراسة الأحياء المائية المختلفة من الأسماك، والنباتات البحرية، والكائنات البحرية التي تعيش في مناطق البحر الأحمر، ملحق به متحف للأحياء المائية يضم الكثير من الأسماك، وغيرها من الكائنات البحرية.

السويس كانت وما زالت محط أنظار العالم وكل عدو لمصر يضعها دائما هدفًا نصب عينيه بوصفها بوابة مصر عن طريق البحر الأحمر ومياه الخليج كما أنها تتمتع بموقع استراتيجي عالمي ولها أهمية بحرية بوصفها المدخل الجنوبي لقناة السويس كما أنها المحافظة الأقرب للعاصمة.

مسجد عبدالله الغريب

وهو من أشهر مساجد المدينة ويعتبر صاحبه بطلاً من أبطال الملاحم الإسلامية، التي حاربت القرامطة، الذين حاولوا السيطرة على طريق الحج وهو مغربي الأصل، ويدعى أبو يوسف عقوب بن محمد بن يعقوب بن عماد ولقب بالغريب حيث إنه أستشهد بعيداً عن موطنه ولم يعرف اسمه إلا بعد كشف مقبرته عام ١٩٦٤م.

وهناك مساجد أخرى منها (الأربعين - عبود - أبوالليف - فرج -الشهداء- بدر - السنة النبوية - حمزة).

دير الأنبا بولا ودير الأنبا أنطونيوس

فيوجد بالمدينة الكنائس ومنها (الكنيسة الإنجيلية- اللاتينية- السيدة العذراء- الأنبا أنطونيوس والإيطالية- الراعي الصالح).

أما كنيسة الروم الكاثوليك، ويرجع تاريخها إلى عصر الإمبراطور جستنيان في القرن الخامس ثم أعيد ترميمها في العصور التالية، وتسمى حالياً دير الراهبات، وتقع في منطقة الغريب، وقد زارها بعض المشاهير مثل نابليون والإمبراطورة أوجيني.

أما بالنسبة لدير الأنبا بولا ودير الأنبا أنطونيوس فهما من أقدم الديرة المسيحية في الصحراء الشرقية يبعد الدير الثاني عن مدينة السويس بحوالي ١٣٠كم ثم ٥٥كم في اتجاه الغرب، وهو أقرب لمدينة السويس من محافظة البحر الأحمر أما الدير الآخر فيبعد عن المدينة بحوالي ١٥٥كم ثم ٣٧ كم في اتجاه الغرب.

ممشى أهل السويس

يقع على طول ١٣٠٠ متر، بمنطقة بورتوفيق بحي السويس.

استاد السويس

يتسع استاد السويس لعدد ٢٠٥٠٠ متفرج، ومركز إعلامي يتسع لعدد ١٠٠ صحفي وإعلامي، فضلًا عن توفير استراحات لهم، وشبكة إنترنت فائق السرعة، وأجهزة شبكات واسعة المدى، وأجهزة تقوية "واي فاي"، تعتمد على كابل فايبر فائق السرعة خاص بالإستاد. وأقيمت عليه بعض مباريات كأس العالم للشباب عام ٢٠٠٩.

 

 للمزيد من الصور اضغط هنا.

المصادر

موقع بوابة محافظة السويس الإلكتروني.

موقع الهيئة العامة للإستعلامات.

موقع ديوان.

مقال تحت عنوان: " السويس.. تاريخ ونضال" لدكتور محمد عفيفي، جريدة الدستور.