فعاليات اليوم الثاني من زيارة الرئيس جمال عبدالناصر إلي جمهورية تنزانيا الاتحادية عام ١٩٦٦

فعاليات اليوم الثاني من زيارة الرئيس جمال عبدالناصر إلي جمهورية تنزانيا الاتحادية عام ١٩٦٦

 وفي صباح يوم الجمعة الموافق الثالث والعشرين من سبتمبر العام ١٩٦٦ م، بدأت المباحثات الرسمية بين الرئيسان عبدالناصر ونيريري، تناولت التنسيق بين جمهورية مصر العربية وجمهورية تنزانيا الاتحادية لمساعدة الشعوب الأفريقية التي لم تحصل على الاستقلال آنذاك، وكذلك وسائل تدعيم منظمة الوحدة الأفريقية.

وفي الظهيرة اصطحب الرئيس جوليوس نيريرى الرئيس جمال عبد الناصر إلى مقر حزب كانو وهو الحزب الاتحاد الوطني التنزاني لحضور حفل الترحيب بسيادته، وقد استقبل الرئيس ناصر أعضاء الحزب بالحفاوة البالغة، والهتافات المدوية من سكان العاصمة دار السلام الذين احتشدوا أمام مقر الحزب. وعندما اتخذا الرئيسان مكانهما على المنصة الرئيسية، بدأ الأهالي يرقصون رقصاتهم الشعبية بملابسهم الوطنية على أنغام الموسيقي، ورحب زعماء الحزب بالرئيسين ناصر ونيريري، وفي كلماتهم الذين ألقوها وصفوا الرئيس ناصر بأنه الرجل الذي كافح وناضل ضد الاستعمار بشجاعة وصير ودافع عن حقوق الشعوب المغلوبة على أمرها. ثم قدم أعضاء الحزب إلي الرئيس درعا ورمحا وزيا تقليديا تذكاريا من شعب تنزانيا

وتوجه الرئيسان بعد ذلك إلي الجامعة الجديدة بدار السلام والتي أنشئت حديثا، واستقبلهما عند الوصول رئيس الجامعة وأعضاء هيئة التدريس، بالحفاوة والبلاغة وخلال جولتهما تعرفا على كليات وأقسام الجامعة المختلفة.

وألقي الرئيس جمال عبدالناصر كلمة جاء مضمونها كالتالي: السيد الرئيس.. أيها السادة:

إنها فرصة قيمة اليوم التي نشاهد فيها هذه الجامعة الجديدة في دار السلام، وأنا أعتقد من الفترة القصيرة التي أمضيناها هنا أنها قاعدة وطيدة ومتينة للتعليم العالي في تنزانيا، وأعتقد أن هذا هو الطريق الصحيح والطريق السليم؛ لأننا في عملنا من أجل التنمية سنحتاج دائماً إلى عدد كبير من الفنيين، فنحن حينما نفكر في التصنيع والتنمية نحن في هذا نحتاج إلى المال ونحتاج أيضاً إلى الفنيين، وإذا استطعنا أن نحصل على المال بدون أن نحصل على الفنيين، فلن يكون من الممكن أن نتم عملنا. ونحن قد دخلنا في هذه التجربة في الجمهورية العربية المتحدة، وفى كل عام نعتقد ونخطط على أننا سنكتفى بالطلبة الموجودة في الجامعات، ولكننا بعد خمس سنوات نكتشف أننا في حاجة إلى أن نزيد من المجالات لمزيد من الطلبة.

 

وأنا أرحب بالدعوة التي وجهت للتعاون بين جامعاتنا وبين جامعتكم في دار السلام، وأنتهز هذه المناسبة لأدعو وفد من جامعة دار السلام ليزور جامعاتنا في الجمهورية العربية المتحدة.

وبالنسبة لجامعة الأزهر، فنحن قد طورنا جامعة الأزهر منذ أربع سنوات، فجامعة الأزهر كانت تقتصر في تعاليمها على العلوم الدينية فقط ولكننا طورنا بحيث يمكن أن يدرس الطالب الدين والهندسة أو الدين والطب مع العلوم المختلفة الأخرى، وخصصنا كليتين؛ كلية للشريعة وكلية للغة العربية، وبهذا يجد الطلبة فرصة العمل في المجالات المختلفة بدلاً من أن يكونوا مقرئين في الجوامع أو متخصصين في الأمور الدينية فقط، وعلى هذا لم تكن هناك فرص لاستيعاب عدد كبير من هؤلاء المتخصصين في العمل كمشايخ فقط، وفى الجامع الأزهر هناك عدد كبير من الطلبة من الدول المختلفة وعند عودتهم إلى بلادهم لم تكن هناك فائدة كاملة لبلادهم؛ لأنهم كانوا متخصصين في الدين فقط في الوقت الذى تحتاج بلادهم فيه إلى متخصصين في التنظيم، وفى الإدارة، وفى الهندسة، وفى الفروع الأخرى. الآن يدرس هؤلاء الطلبة الطب والهندسة والإدارة وكل هذه الأمور. في جامعاتنا المختلفة ٢٥ ألف طالب من البلاد الإفريقية والآسيوية والبلاد العربية، وهذا يساعد على التبادل الثقافي والتعاون بين الدول العربية والآسيوية والإفريقية.

 

بالنسبة للتعاون مع جامعة الأزهر، أؤكد أن جامعة الأزهر على استعداد للتعاون بالنسبة للدراسات الإسلامية وعلى إمدادكم بكل الكتب التي تطلبوها.

 

أشكركم على الحفاوة التي لمستها، وأتمنى لجامعتكم الناشئة كل التقدم.

 

 والسلام عليكم.

وفي المساء وصل الرئيسان إلى مبني دار البلدية بدار السلام لحضور الاحتفال بمنح الرئيس جمال عبدالناصر شهادة مواطن شرف لمدينة دار السلام، وألقى عمدة المدينة خطابا رحب فيه بالرئيس جمال عبدالناصر قال فيه: إننا اجتمعنا هنا لكي نمنح رجل الدولة العظيم أرفع تكريم يستطيع مجلس المدينة أن يمنحه، وقد حظيت بشرف تكليفي بواجب تقديمي هذا التكريم نيابة عن مواطني دار السلام.

وسلم العمدة شهادة مواطن شرف للرئيس ناصر كما تم اهدائه مفتاح دار السلام بين حفاوة وتصفيق الحاضرين، والقى الرئيس جمال عبدالناصر كلمة قال فيها: السيد الرئيس.. السيد عمدة دار السلام..

أيها الإخوة مواطني دار السلام:

منذ اللحظة التي وصلنا فيها إلى هذه المدينة الجميلة شعرنا من صميم قلوبنا بالأخوة والمحبة التي تجمع شعب الجمهورية العربية المتحدة وشعب تنزانيا، وبهذه المناسبة أتقدم بالشكر إلى عمدة دار السلام، مجلس مدينة دار السلام، أهالي دار السلام وأعبر عن شعوري بأني أعتز بأن أكون مواطناً لمدينة دار السلام.

إن زيارتي لتنزانيا هي تعبير عن الأخوة والصداقة التي تجمع بين شعبينا، وقد كانت الزيارة القصيرة للأخ الرئيس "نيريرى" إلى الجمهورية العربية المتحدة فرصة له ليرى شعور شعب الجمهورية العربية المتحدة نحو تنزانيا، إن شعب الجمهورية العربية المتحدة تابع بالاهتمام والتقدير نضال تنزانيا من أجل الحرية والاستقلال، والآن يتابع بالاهتمام والتقدير نضال تنزانيا برئاسة الرئيس "نيريرى" من أجل التطور والبناء. ومن مشاهداتي القليلة التي رأيتها حتى الآن أشعر بثقة عميقة أن شعب تنزانيا والرئيس "نيريرى" سيمكن لهم أن يحققوا كل آمال وأحلام هذا الشعب في التقدم والبناء، أيضاً أعبر عن شعور الشعب في الجمهورية العربية المتحدة، فأقول: إننا نشعر أنكم تقومون هنا في هذه المنطقة من إفريقيا بمهمة كبيرة بأن تكونوا قاعدة لتحرير الأقاليم التي لازالت تحت الاستعمار في إفريقيا، ونستطيع أن نقول أن دار السلام هي قلعة الحرية في شرق إفريقيا.

باسم شعب الجمهورية العربية المتحدة ومن صميم قلبي أرجو لتنزانيا كل تقدم وازدهار.

عاش شعب تنزانيا، وعاش الرئيس "جوليوس نيريرى".

والسلام عليكم.

للمزيد من الصور اضغط هنا