81 عامًا من العلاقات المصرية الروسية بين الماضي والحاضر

81 عامًا من العلاقات المصرية الروسية بين الماضي والحاضر

كتب: الباحث والمترجم محمد خالد

مترجم للغة الروسية في محطة الضبعة للطاقة النووية. درس العلاقات الدولية في جامعة جنوب الأورال الحكومية وأكمل دراسته في الأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في كلية الإدارة والتكنولوجيا ، قسم العلوم السياسية. في الذكرى الثامنة لإقامة العلاقات الدبلوماسية المصرية الروسية ، نشر كتاب "ثمانون عامًا".

ماضي وحاضر 81 عامًا

بداية العلاقات القنصلية المصرية-الروسية 

    تحافظ القاهرة وموسكو علي العلاقات بين البلدين منذ أكثر من واحد وثمانين عامًا. بدأ التاريخ الغني للعلاقات القنصلية في نوفمبر 1784، عندما عينت كاترين الثانية كندراتي فون تونوس كأول قنصل روسي في الإسكندرية. ومنذ ذلك الوقت، كان لوزارة الخارجية الروسية ممثل دائم في الإسكندرية. كان هذا بداية للتعاون الثقافي والأدبي. ومن أبرز المترجمين، طنطاوي، الذي تعلم اللغة الروسية ودرس اللغة العربية في بلد القياصرة.

إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا 

    شهدت الحرب العالمية الثانية بداية فتح العلاقات الدبلوماسية مع مصر. حيث أثارت روسيا هذا الموضوع مع السفير المصري في لندن: التقى حسن نشأت بالسفير السوفييتي في لندن إيفان ميسكي عام 1943 ونصحه بالتواصل مع رئيس وزراء مصر. و بالفعل توجه إيفان ميسكي إلى الإسكندرية في 26 أغسطس 1943.

    التقى إيفان ميسكي السفير السوفييتي في لندن برئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس في الإسكندرية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. في الإسكندرية، وافق الباشا على نص بيان صحفي نص على أن يصبح 26 أغسطس يومًا لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا، وأن تكون الإسكندرية مهد العلاقات القنصلية والدبلوماسية بين القاهرة وموسكو. وصل أول سفير روسي إلى القاهرة، السفير نوفياكوف، في 25 ديسمبر 1943. وكانت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا بداية لتعزيز التعاون بين البلدين، حيث تم في أغسطس 1948 توقيع أول اتفاق اقتصادي لتبادل القطن المصري بالحبوب والأخشاب من الاتحاد السوفييتي. بالإضافة إلى الروابط الثقافية والأدبية المتينة التي جمعت بين البلدين وامتدت من الإمبراطورية الروسية إلى قيام الاتحاد السوفييتي.

السفير نوفياكوف

خلف الكواليس في 25 ديسمبر 1943 

في الكواليس، في تمام الساعة الحادية عشرة صباحًا، وصل كبير خدم الملك، إسماعيل تيمور بيه، إلى السفارة.

الملك فاروق

عندما انطلقت العربتان من السفارة، تبعهما موكب شرفي - فرقة من حرس الملكي على الخيول بالسيوف المسلولة. 

    في جو يمكن وصفه دون مبالغة بالاحتفالي، عبروا ضواحي وسط القاهرة وصولًا إلى ميدان عابدين، حيث كان القصر الملكي يعلو خلف سور من الحديد المصبوب. عندما دخلوا عبر البوابات المفتوحة على مصراعيها، توقفت الفرق العسكرية، بينما سار الموكب في مسيرة شجاعة.  تحركت العربات ببطء على طول حرس الشرف، حيث كان الجنود يرتدون الزي الأحمر الداكن، والطربوش القرمزي، والبقع البيضاء المميزة. أمام الجنود وقف حامل العلم رافعًا الراية، وإلى جانبه ضابطان يحملان السيوف الرفيعة المسلولة مثل سيوف الحراس. عندما وصلت العربات إلى المدخل الرئيسي ونزل جميع الركاب، عزفت الفرقة النشيد الوطني المصري، تلاه النشيد الوطني للاتحاد السوفييتي.

    و حيث قادهم هناك تيمور بيك مع معارفهم الجدد. صعدوا إلى الطابق الثاني عبر درجات رخامية مغطاة بالسجاد. ثم ساروا في ممر واسع تصطف على جوانبه بعض الشخصيات الأخرى من موظفي البلاط وضباط الجيش عند المداخل. ولم يدخل قاعة العرش سوى الدبلوماسيون السوفييت.

    برئاسة تيمور بيك، قدّم تيمور بيك السفير رسميًا إلى الملك، وتصافحا. بعد ذلك، سارت الأمور وفق البروتوكول المعتاد. قدّم السفير رسالة من كالينين إلى الملك فاروق، ثم تبادلا رسائل قصيرة. وقدم السفير أعضاء البعثة الدبلوماسية إلى فاروق. جرى كل ذلك بنفس الفخامة والاحتفال، بما في ذلك عزف النشيد الوطني المصري والنشيد الدولي أمام القصر للمرة الثانية. و بدا للسفير أن الحشود على الأرصفة أصبحت أكثر كثافة وقتها.

الذكرى التاسعة لتأسيس العلاقة

الزعيم جمال عبد الناصر والزعيم خروتشوف

    في 26 أغسطس 1952: ولادة جديدة للعلاقات المصرية-الروسية واتفاق قوي بين الزعيم جمال عبد الناصر والزعيم خروتشوف، وهو ما انعكس على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية. توسعت هذه العلاقات من أسوان إلى الإسكندرية، ومن أبرز مشاريعها السد العالي في أسوان، ومصنع الحديد والصلب في حلوان، ومجمع الألومنيوم في نجع حمادي، وتمديد خطوط نقل الكهرباء بين أسوان والإسكندرية. تم تنفيذ 97 مشروعًا صناعيًا في مصر بمشاركة الاتحاد السوفيتي. منذ خمسينيات القرن الماضي، زُودت القوات المسلحة المصرية بالأسلحة السوفيتية.ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الدبلوماسية لعبت دورًا حاسمًا في تعزيز التعاون، وكان للمهندس مراد غالب، الذي تم تعيينه سفيرًا لمصر في موسكو عام 1961، دور رئيسي في هذا المجال. وظل في هذا المنصب حتى عام 1971، حيث لعب دورًا كبيرًا في تعزيز العلاقات، وحصل على لقب "مهندس العلاقات السوفيتية". وخلال هذه الفترة، شهدت العلاقات الثقافية تطورًا كبيرًا، وتم إنشاء مراكز ثقافية في كلا البلدين، مثل إنشاء المكتب الثقافي المصري في سفارة مصر بموسكو عام 1956، وافتتاح المركز الثقافي الروسي في القاهرة (البيت الروسي) عام 1962، وافتتاح المركز الثقافي الروسي في الإسكندرية (البيت الروسي) عام 1967.أصبحت العلاقات الثقافية بين القاهرة وموسكو الأساس للتعاون الثقافي والعلمي، وشملت مجالات عدة مثل العلوم والتعليم والثقافة. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت مصر في طليعة الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الاتحاد الروسي بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991.

التشابه بين الماضي والحاضر

الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس فلاديمير بوتين

    التوافق المتين بين الرئيسين فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي أسهم في ازدهار التعاون بين البلدين. بفضل بناء محطة الطاقة النووية في الضبعة وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية على محور قناة السويس، بالإضافة إلى حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا الذي بلغ هذا العام 3 مليارات دولار، تحسنت العلاقات بين البلدين، بما في ذلك العلاقات الاستراتيجية والنووية. كما تبادل الرئيسان عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين الزيارات بين القاهرة وموسكو.

   العلاقات المصرية-الروسية هي علاقات لا نهائية، وتُعتبر الروابط الثقافية حجر الزاوية في العلاقات بين القاهرة وموسكو. يشكل الماضي والحاضر أساس مستقبل التعاون بين البلدين والشعبين.

  • المصادر:

https://egypt.mid.ru/ar/russia_egypt_1/rossiysko_egipetskie_otnosheniya/

https://alexandria.mid.ru/ar/general-consulate/history-info/

https://beta.sis.gov.eg/ar/%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9/%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9/%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7/

كتاب: ثمانون عامًا

https://www.facebook.com/share/p/NZTMwysbSnn6qYoL/?mibextid=xfxF2i

https://www.ippo.ru/ipporu/article/po-sledam-pervogo-posla-v-egipte-ai-isaenko-201856