مصر... شريك رئيسي في منظومة حفظ السلام الدولية

مصر... شريك رئيسي في منظومة حفظ السلام الدولية

تؤكد مصر يوماً بعد يوم مكانتها كمحور رئيسي في صون الأمن والسلم الدوليين، من خلال حضورها المؤثر والفاعل في بعثات حفظ السلام الأممية، وتجربتها الرائدة في تأهيل القوات للمشاركة في تلك المهام النبيلة التي تتطلب أعلى درجات الكفاءة والالتزام.

بدأت مساهمة مصر في عمليات حفظ السلام منذ عام 1960 بمشاركتها في بعثة الأمم المتحدة بالكونغو، لتسجل منذ ذلك الحين حضوراً متواصلاً في أكثر من 37 بعثة حول العالم، شارك خلالها أكثر من 30 ألف جندي وضابط مصري في مهام امتدت من أفريقيا وآسيا إلى أمريكا اللاتينية وأوروبا. واليوم، تُعد مصر ضمن أكبر عشر دول مساهمة بقوات في بعثات حفظ السلام على مستوى العالم، والأولى عربياً، والثالثة على مستوى الدول الفرانكفونية، بإجمالي ما يقارب 3000 فرد يعملون ضمن مهام أممية في مناطق متعددة، لا سيما في القارة الأفريقية.

ولم يكن هذا الحضور مجرد مشاركة رقمية، بل جسّدته تضحيات كبيرة، حيث فقدت مصر 28 شهيداً من أبنائها خلال مشاركتهم في مهام حفظ السلام، في تأكيد جديد على التزام الدولة المصرية بالقيم الإنسانية والعمل الدولي المشترك.

لم تقتصر مساهمة مصر على الدعم العسكري والشرطي، بل امتدت لتشمل جهوداً مؤسسية وسياسية مهمة، أبرزها تبنّي الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر 2018، قراراً مصرياً بعنوان "الاستغلال والانتهاك الجنسي: تنفيذ سياسة عدم التسامح"، والذي يهدف إلى حماية المجتمعات المتأثرة من الانتهاكات داخل بعثات حفظ السلام. كما انضم الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2017 إلى مبادرة "دائرة القادة" التي أطلقتها الأمم المتحدة لتعزيز الالتزام الأخلاقي في هذه المهام الدولية.

وفي فبراير 2021، أعادت الأمم المتحدة انتخاب مصر مقرراً للجنة الخاصة بعمليات حفظ السلام، في دلالة واضحة على التقدير الدولي لدور القاهرة في تطوير مفاهيم وسياسات حفظ السلام، وتعزيز الترابط بين جهود الحفظ والبناء، وهي المبادئ التي نصّت عليها "خارطة طريق القاهرة" في هذا المجال الحيوي.

نال الدور المصري إشادات متكررة من كبار مسؤولي الأمم المتحدة، كان أبرزها في مايو 2023 خلال الاحتفال السنوي بالذكرى الـ75 لتأسيس عمليات حفظ السلام، حيث كرّمت المنظمة الدولية مصر ضمن الدول الأكثر إسهاماً في حفظ السلام والأمن الدوليين. كما عبّرت "إلينا بانوفا"، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، عن امتنانها قائلة: "لطالما كانت مصر شريكاً أساسياً على الطريق إلى السلام الدائم... نحيي شجاعة وتضحية حفظة السلام المصريين".
وفي يوليو 2019، أثنت شرطة الأمم المتحدة على تميز القوات المصرية ضمن أكبر ثلاثة مساهمين في بعثاتها، وهو ما رافقه تعاون مكثف مع مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، الذي يُعد اليوم منارة إقليمية ودولية في مجالات التدريب والتأهيل الاستراتيجي في عمليات السلم والأمن.

من خلال رؤيتها الواضحة ومسؤوليتها الدولية، تواصل مصر تعزيز مشاركتها النوعية في بعثات حفظ السلام، مع التوسع في مشاركة العنصر النسائي، وتطوير البنية التدريبية عبر برامج متقدمة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. كما تضع على رأس أولوياتها دعم الحلول السياسية للنزاعات، وتعزيز الشراكات من أجل بناء السلام المستدام.

بهذا الأداء المتكامل، تُجسد مصر رؤيتها كدولة سلام، لا تكتفي بإرسال القوات، بل تُسهم في صياغة السياسات، وتُعلي من شأن القيم الأخلاقية في أصعب البيئات، مُثبتة مجدداً أنها كانت وستظل صوتاً للعقل، وجسراً للسلام، وركيزة للاستقرار الإقليمي والدولي.

المصادر: 
موقع الهيئة العامة للاستعلامات المصرية
موقع الامم المتحدة - عمليات حفظ السلام
 موقع مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات